بقلم : مسعود هدنة
وعدتُ قبل شهر أن أكتب منشورا عن مالك بن نبي يكون شهادة أحسبها نادرة..
في عام 2005 نظمت رئاسة الجمهورية ملتقى دوليا حول مفكر الحضارة مالك بن نبي، واحتضن فندق الأوراسي بالعاصمة الحدث.
وبما أنني كنت، ولازلت وسأظل، من عشاق مالك بن نبي، طلبت من الجريدة التي كنت أشتغل لحسابها السماح لي بتغطية الملتقى فسمحوا لي. حضر الملتقى قامات وهامات من مصر وباكستان والمغرب ولبنان وماليزيا والهندودول أخرى، جلهم إما عاصر بني نبي وعرفه شخصيا أو احتك به فكرا حتى تتيّم به..
كنت أبحث، كعادتي، عن انفراد صحفي وليس تغطية عابرة أو حوارا ممجوجا ينساه القرّاء بعد حين.
وطيلة الأيام الخمسة كان الجو فكريا دسما استفاد منه الجميع، لكنني لم أعثر على اللّؤلؤة" أثناء أشغال الملتقى، بل وجدتها تتجوّل في ردهة الأوراسي، وَيَا لها من "لؤلؤة"..!
في فترة الاستراحة ذهبت لأرتشف قهوة أسفل قاعة الملتقى فلمحت رجلا بدا لي ماليزيّا أو أندونيسيّا، فبادرته بالسؤال بعدما قدمت نفسي: هل أنت من ضيوف ملتقى المفكر بن نبي؟ قال نعم. من أي بلد لو سمحت؟ ماليزيا.
ماذا تعرف عن بن نبي؟ أنا الذي قدّمتُه للرئيس مهاتير محمد!؟
انغلع قلبي وعقلي ثم ارتعد وجداني لِما سمعت..! ماذا قلت يا سيدي؟ سألته بدهشة لا توصف..
وضعت يدي على ظهره ودفعته الهوينى لنجلس على أريكة مريحة، عساه يجود بما عنده ويفتح خزانة الأسرار، وقد كان ذلك بالفعل.
حدثني عن القصة من بدايتها إلى قيامتها لو سمحت؟ فقال: أنا الدكتور بابكر عبدالله، أستاذ جامعي، علمت أن الرئيس مهاتير محمد ينقّب عن مهندسي أفكار فعالة وأصحاب مناجم فكر بنّاء ليبعث بها ماليزيا.
فورا اتصلت به عبر أحد معارفي وضبط لي موعدا معه.. مع مهاتير.
في اليوم المحدد كنت عنده، قلت له: سيادة الرئيس أعرف الرجل الذي سيساعدك، وحدثته عنه وعن بعض أفكاره، فأعجبه الامر وضبط لي موعدا عبر مدير ديوانه لألاقيه بمالك بن نبي!
في اليوم الموعود امتثلتُ أمام مهاتير حاملا حقيبة متوسطة الحجم في يدي، بدت الدهشة على الرئيس وهو يراني وحدي.. مرحبا بك دكتور بابكر، أين الرجل!؟
هنا في الحقيبة سيدي الرئيس!!!
لم يترك الدكتور بابكر الدهشة تنهش عقل الرئيس فتتحول إلى غضب أو يشعرَ بأنه تعرض لمراوغة، وراح يشرح له:
سيدي، مالك بن نبي توفي قبل سنوات، وفي هذه الحقيبة توجد كل كتبه، إنها منجم لأفكاره العظيمة التي أعتقد أنها ستصدمك بواقعيتها وألمعيتها وقوتها!
أُنهي هذا الجزء هنا، مع وعد ثان بإتمامه في تدوينة لاحقة.