في الوقت الذي يغرق فيه العالم في تحليلات , للإنتخابات التركية ونسبة المشاركة التي فاقت 88 % وكيف يجري السجال بين مختلف الأحزاب والقومية ومدى ازدراء الغرب كل ومصلحته في ذلك , و على حدودها تجري حرب ضروس بين من يريد أن يزيل القطب الواحد ويفرق شظاياه الى أقطاب متعددة , يعود بنا الروائي واسيني الأعرج الى قصة "حيزية" الشهيرة، باحثا عن الحب و مستحضرا العشق الممنوع وان كان من حقه أن يروج لروايته الجديدة التي تحمل الاسم نفسه "حيزية" . وهاهم أدباء ونقاد الجزائر , يدخلون على خط الجدل , هل الشاعر بن ڤيطون هو العاشق الحقيقي لحيزية أم اسعيّد ؟ وكالعادة يطول النقاش , ليمتد الى ربوع الجزائر محشورا في اتحاد الكتاب ومن ينتمي اليه وصولا الى البقية الباقية من الكتاب الذين كلما أجتمعوا , تفرقوا. وأيا كان الجدل ونتيجته ,ماتت حيزية مسمومة أو ظهر جليا أن عشيقها هو بن ڤيطون , ماذا نستفيد ؟ هل تعاد قصة الحب والعشق وتصور لها أفلام , في بلد قاعات السينما فيه مغلقة ! في اعتقادي أن الرابح الأكبر هو واسيني الاعرج , سيوزع روايته الجديدة وهذا من حقه , بينما يتسع الجدل على شاكلة من الأول , البيضة أم الدجاجة ؟ من العاشق ومن القاتل ؟ ما يثير الانتباه أن الكتاب الكبار في العالم , أو من لهم باع في الرواية , يثيرون قضايا بلدانهم الكبرى , خاصة تلك المرتبطة بالوضع الإقليمي والدولي , في وقت تتصارع القوى العظمى على من يقود العالم , بينما يغرق العرب في أتون الصراعات لتتسع دائرة الفقر والتخلف والبؤس , في حين يجلس كتّابهم على الارائك وفي المقاهي ,يحتسون القهوة والشاي , ممزوجة بالشيشة وحتى السيكار , وأكبرهم يمارس اللعنات , ثم يعود الى أوراقه , ليحكي عن الاحتضان في القرون الوسطى وكيف تعرت ملكة " الدّوار " لحصان أشهب خسر كل الحروب , لأنه كان مشغولا بالعشق في ثوب الخيانة , بل وأبدع شعرا في نهد " المليحة" التي أكتشف في القرن 21 أنها ماتت مسمومة , فماذا يفعل القوم في "رايس لبــنات " هل يسافرون مع "الضامر حيزيــــه " والنتيجة أن التفنن في الحزن هو سمة العرب حتى لو غادروا وعاشوا في الدول الأوروبية وأمريكا, لذلك نضرب الاخماس بالاسداس وننزوي الى الجدران , نمضغ لبان تعاستنا ونستنشق ريح الماضي من زاوية ممزوجة بالخيبات وليس الانتصارات . ان الأمر لا يتعلق برواية واكتشاف العاشق الأصلي ,بل بالوقت الذي تنشغل فيه أي أمة بمسألة الحب والعشق وأمة أخرى يكتب كتابها عن تقدمها التكنولوجي ومكانتها بين الدول ومدى نجاحها في تحقيق أمنها على المستويات كافة وفي الخلاصة , لم يعد يهتم كتاب العالم الثالث بالسياسة , بل بالأفخاذ والنهود الى حين , وتحضرني النقاشات العقيمة بين أغلب كتابنا وجلهم في ظلام الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي , بل وفيهم من صار يوميا ينشر شهادات التكريم التي تشبه الشهادات التي يعلقها الحلاقون في محلاتهم , معشر الكتاب والنقاد هل فيكم من ترجل عن الخزعبلات و هتك عرض التخلف ونادى في القوم ,هلموا نرفع هذا الوطن من مستنقع الرداءة ونسابق به الأمم , لتتحدث عن نجاحاته أم أن الأمر ,لايزال محصورا في " السرة " وتوابعها ؟ !